الإمام محمد بن إدريس الشافعي
الإمام الشافعي: سيرة عالمٍ جليل أسّس منهجاً فقهياً خالداً
يُعدّ الإمام محمد بن إدريس الشافعي واحداً من أعظم علماء الإسلام، ومن أبرز مؤسسي المذاهب الفقهية الأربعة. جمع بين الفقه واللغة والأدب، وكان مثالاً في العلم والذكاء والورع. امتد تأثيره في كل عصر، وبقي مذهبه من أكثر المذاهب انتشاراً حتى اليوم.
"من تعلم القرآن عظُمت قيمته، ومن نظر في الفقه نبل قدره، ومن كتب الحديث قويت حجّته." — الإمام الشافعي
نبذة عن الإمام الشافعي
| الاسم الكامل | محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع | 
|---|---|
| الكنية | أبو عبد الله | 
| تاريخ الميلاد | 150 هـ (767م) | 
| مكان الميلاد | غزة – فلسطين | 
| تاريخ الوفاة | 204 هـ (820م) | 
| مكان الوفاة | مصر | 
| المذهب | الشافعي – أحد المذاهب السُنية الأربعة | 
نشأته وبداياته العلمية
وُلد الشافعي في غزة سنة 150هـ، في نفس العام الذي توفي فيه الإمام أبو حنيفة، وكأنّ الله قد أراد أن يُخلف عالماً عظيماً بآخر. انتقلت أمه به إلى مكة المكرمة وهو صغير، وهناك نشأ وتعلّم العربية والفقه والقرآن.
كان يحفظ القرآن الكريم وهو ابن سبع سنوات، وحفظ "الموطأ" للإمام مالك وهو ابن عشر سنوات، مما يدل على نبوغه المبكر وذكائه الخارق.
رحلاته في طلب العلم
لم يكتف الإمام الشافعي بالبقاء في مكة، بل تنقل في طلب العلم بين البلاد الإسلامية الكبرى. ومن أبرز محطاته:
- مكة المكرمة: حيث تلقى علوم الحديث والفقه واللغة.
 - المدينة المنورة: حيث درس على يد الإمام مالك بن أنس وأخذ عنه الموطأ.
 - العراق: التقى تلاميذ الإمام أبي حنيفة وتأثر بمدرستهم في الاجتهاد.
 - مصر: استقر فيها في أواخر حياته ودوّن مذهبه الجديد الذي اشتهر لاحقاً.
 
شيوخه وتلاميذه
| أبرز شيوخه | أشهر تلاميذه | 
|---|---|
| الإمام مالك بن أنس | الإمام أحمد بن حنبل | 
| سفيان بن عيينة | الربيع بن سليمان | 
| إبراهيم بن سعد | أبو يعقوب البويطي | 
مراحل مذهبه الفقهي
مرّ مذهب الشافعي بمرحلتين أساسيتين:
- القول القديم: وهو ما دوّنه في العراق، وتأثر فيه بمذهب الإمام مالك وأبي حنيفة.
 - القول الجديد: وهو ما دوّنه في مصر بعد نضوج فكره واستقلاله بالاجتهاد، ويُعتبر المرجع الأساسي للمذهب الشافعي المعتمد اليوم.
 
أهم مؤلفاته
| اسم الكتاب | الموضوع | 
|---|---|
| الرسالة | أول كتاب في أصول الفقه الإسلامي | 
| الأم | مرجع ضخم في الفقه الشافعي | 
| اختلاف الحديث | دراسة في التوفيق بين الأحاديث المختلفة | 
"رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب." — الإمام الشافعي
صفاته وأخلاقه
اتصف الإمام الشافعي بالذكاء الحاد والذاكرة القوية والخلق الرفيع. كان زاهداً في الدنيا، كريماً في العطاء، متواضعاً رغم علمه الواسع. وكان يتميز ببلاغة لسانه وفصاحة لغته، حتى عُدَّ من أعلام الشعر والبيان.
من أقواله المأثورة
- “من أراد الدنيا فعليه بالعلم، ومن أراد الآخرة فعليه بالعلم.”
 - “احذر أن تضحك من غير عجب، أو تمشي من غير سبب.”
 - “ما ناظرت أحدًا إلا أحببت أن يُوفَّق ويُسدَّد ويكون عليه رعاية الله.”
 
منهجه في الفقه
أسس الشافعي علم أصول الفقه، وهو العلم الذي يحدد قواعد الاستنباط من القرآن والسنة. كان يعتمد في اجتهاده على:
- القرآن الكريم
 - السنة النبوية الصحيحة
 - الإجماع
 - القياس
 
وقد جمع بين فقه الحجاز (القائم على النصوص) وفقه العراق (القائم على الرأي)، فكان مذهبه وسطاً بين المذاهب، متوازناً بين النقل والعقل.
وفاته وإرثه العلمي
توفي الإمام الشافعي في مصر سنة 204 هـ عن عمر ناهز 54 عاماً. دُفن في القاهرة، وبُني على قبره ضريح جميل ما زال مزاراً علمياً وتاريخياً حتى اليوم. ترك وراءه إرثاً ضخماً من العلم، وساهم في تأسيس مدرسة فكرية خالدة انتشرت في العالم الإسلامي من المغرب إلى إندونيسيا.
"العلم ما نفع، وليس العلم ما حُفظ." — الإمام الشافعي
خاتمة
يبقى الإمام الشافعي مثالاً للعالم الرباني الذي جمع بين العلم والعمل، وبين الفقه والبيان، وبين العقل والنقل. لا تزال كتبه ومذهبه منارة يهتدي بها العلماء والطلاب، وسيبقى اسمه خالداً في سجل العظماء الذين خدموا الإسلام بعلمهم وفكرهم وأخلاقهم.
